هل يأتي جيل من العرب أسماؤهم بلا معنى؟

يبدأ الأمر بالسؤال ذاته على منصات التواصل الاجتماعي: “أريد اسما جديدا،مبتكرا،غريبا لمولودي القادم”. وتنهال التعليقات بالغريب وغير المألوف من الأسماء، بعضها منقول من مواقع ومنتديات إلكترونية، وبعضها مأخوذ من أفلام ومسلسلات أجنبية مدبلجة، حتى أن بعضها ذهب في الغرابة إلى اقتراحات من أفلام الرسوم المتحركة “.

نرصد هنا كيف تحولت أسماء المواليد من اختيار دقيق لما هو ذو دلالة في اللفظ والمعنى، إلى البحث عن الغريب وغير المألوف دون النظر إلى نطقه ومعناه.

تبادل تاري

تبادلت الحضارة العربية الكثير من الأسماء مع لغات وحضارات أخرى على مر العصور المختلفة، وعُرّبت هذه الأسماء لاحقا وضُمنت في المعاجم. كما تغيرت بعض الأحرف لتناسب الصوتيات المختلفة لكل لغة، وتعوّض نقص الأحرف في بعضها.

وكان الدين والنفوذ السياسي العاملان المتحكمان في هذا التبادل، إذ نُقلت الكثير من الأسماء الفارسية والتركية إلى العربية مع دخول غير الناطقين بها في الإسلام. كذلك نُقلت الأسماء العربية القرآنية إلى هذه الثقافات مع اعتناق مواطنيها الإسلام.

ويمكن القول إن الدين هو الذي دفع الفرس والأتراك إلى تبني أسماء من الثقافة العربية، في حين لعب النفوذ السياسي والثقافي الدور الأكبر في نقل الأسماء من هاتين اللغتين إلى الثقافة العربية.

وبحسب الدكتورة نجمية ألباي، المتخصصة في دراسة اللغة التركية، بدأ تبادل الأسماء بين الأتراك والعرب منذ حوالي ألف عام، مع وصول الإسلام إلى الأناضول. “وكان لوصول العرب إلى المنطقة، ثم تحول الأتراك إلى الإسلام وتأسيس الدولة العثمانية، أثر بالغ في نقل الأسماء العربية ذات الدلالة الدينية. فمثلا، أسماء النبي محمد وأتباعه أصبحت محببة وشائعة. وحتى الآن، يضفي العامة شيئا من القدسية على أي نص مكتوب بأحرف عربية.”

وفي المقابل، استعار العرب عددا من الأسماء التركية للتقرب للطبقة الحاكمة في عهد الدولة العثمانية أو كدليل على الوجاهة الاجتماعية. لكن وفقا لـ ألباي، انحسر الوجود العربي في الأسماء التركية مع تأسيس الجمهورية وعلمنة الدولة والتعليم في مطلع القرن العشرين “وفقدت الأسماء العربية والمرتبطة بالدين الإسلامي جزءا من شعبيتها، واتجه الناس لإطلاق أسماء من التراث التركي على أبنائهم.”

جيل من العرب