الاقتصاد العالمي يترنح تحت وطأة كوفيد 19؟

تبدو قدرة العالم على مواجهة التراجع الاقتصادي الحاصل بسبب فيروس كوفيد 19 محدودة مقارنة بالسابق، وذلك بسبب الخلافات العميقة بين الصين والولايات المتحدة، والسياسات الانعزالية التي تمارسها بعض الدول المؤثرة عالميا.

الأزمات بشكل عام، والأزمات العالمية تحديدا، تحتاج إلى تعاون دولي وثيق بين الدول الكبيرة والمؤثرة كي يمكن التغلب عليها، فهذا ما حصل سابقا، وما يجب أن يحصل الآن للخروج من الأزمة العالمية الحالية.

كوفيد 19 مازال يعطل الأعمال والسفر والسياحة والنشاطات الضرورية والمباريات الرياضية والمؤتمرات العالمية التي من شأنها أن تعزز حركة النمو الاقتصادي العالمي، لما فيه تطور الحياة البشرية، غير أن العالم لم يتوصل حتى الآن، إلى حل نهائي لأزمة كوفيد 19، على رغم تواصل الأبحاث العلمية في الجامعات ومراكز الأبحاث.

ودون إيجاد لقاح أوعلاج للفيروس، والتعرف بدقة علمية على سلوكه وكيفية تجنب الإصابة به، فإن التطور العالمي سيبقى متلكئا، والنمو الاقتصادي متراجعا، لذلك طالبت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية برفع القيود المالية المفروضة على الإنفاق من أجل إيجاد حل سريع للأزمة العالمية الحالية. وقال أنجيل غوريا، السكرتير العام للمنظمة أن أي تصاعد جديد للفيروس سوف يؤدي إلى خفض النمو الاقتصادي العالمي إلى النصف.

ورغم أن الدول الصناعية العشرين أعلنت قبل بضعة أسابيع بأن النمو الاقتصادي سوف يتصاعد بسرعة مفاجئة بعد هذا الهبوط الحاد، فإن كثيرين شككوا بهذا التنبؤ المفرط في التفاؤل، وأول هؤلاء هو السكرتير العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الذي قال إن هذا غير قابل للتحقيق، بل وصفه بأنه “من أحلام اليقظة”. لكنه أضاف أن بالإمكان تجنب هذا المآل لو أن الدول اتخذت القرارات الصحيحة.

بينما حذر الرئيس السابق للبنك الدولي، روبرت زوليك، من الخلافات والصراعات خلال هذه الازمة التي تتطلب تعاونا وثيقا بين دول العالم أجمع، وبالتحديد بين الولايات المتحدة والصين، اللتين ازدادت حدة الخلاف بينهما في السنوات الأخيرة، بينما تتقابل سفنهما الحربية في بحر الصين الجنوبي، الذي تأمل الصين بالسيطرة الكاملة عليه، بينما تمتعت الولايات المتحدة بحق الملاحة فيها منذ 70 عاما، وهي غير مستعدة للتخلي عن هذا المكسب، خصوصا بوجود حلفاء لها في المنطقة يخشون التمدد الصيني، مثل تايوان وكوريا الجنوبية واليابان.

وقال زوليك إن الخلاىف الصيني الأمريكي هو أخطر تهديد للانتعاش الاقتصادي العالمي، مضيفا أن التعاون هو السبيل الوحيد للخروج من التراجع الاقتصادي، واصفا العلاقات الأمريكية الصينية بأنها بلغت وضعا خطيرا “لأن التدهور يمضي متسارعا، ولا أحد يعرف متى يتوقف”.

وأشار زوليك إلى أن الأزمة المالية لعامي 2008/9، التي حدثت إبان توليه إدارة البنك الدولي، كانت خطيرة جدا، “ولولا التعاون الوثيق بين الدول الصناعية العشرين الكبرى وبنوكها المركزية، لما تمكن العالم من تجاوزها، بينما كان الرئيسان بوش وأوباما، ورئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، جزءا من الجهد العالمي للتغلب على الأزمة”. بل حتى الصين، حسب زوليك، كان لديها برنامج لتحفيز النمو الاقتصادي، وقد تعاونت بطرق مختلفة مع الجهد العالمي، “لكن مثل هذا التعاون غائب كليا الآن”. ويلقي زوليك باللائمة على سياسات الرئيس ترامب القائمة على مبدأ الحمائية والشك بالحلفاء، التي “أقلقت العديد من الدول، خصوصا في آسيا”، داعيا حكومة بلده إلى التعاون مع الصين.

كوفيد 19